روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | عودوا بالأزهر.. إلى الريادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > عودوا بالأزهر.. إلى الريادة


  عودوا بالأزهر.. إلى الريادة
     عدد مرات المشاهدة: 2460        عدد مرات الإرسال: 0

دورنا اليوم بعد الثورة المصرية المباركة التي يأمل كل شبابها العودة بمصر إلى نهضتها وسيادتها وتقدمها أن نعود بالأزهر كجامع وجامعة لقيادة النهضة وتوجيه الأمة لمستقبل زاهر مبني على الدين والخلق والعمل البناء..

لعب الجامع الأزهر دورًا رياديًّا عبر التاريخ منذ إنشاءه، فكان الجامع والجامعة ومنه تنبعث الجيوش ومنه تخرج الثورات الإصلاحية وفيه يتربى قادة الأمة وملوكها.

كان الأزهر منارة تشع على العالم في أحلك الظلمات، وكان ينبوعًا للعلم لا يجف في أشد أوقات العالم جهلًا وظلامًا وحاجة للعلم.

ومن المؤسف أن نرى الأزهر وقد خبا دوره، وانطفأ سراجه، وخفت بريقه بسبب سياسات فاسدة تلاحقت على حاضنة الأزهر مصر الإسلام والعروبة.

وينبغي علينا أن نعمل جاهدين لعودة الأزهر كما كان، خاصة بعد ثورة مصر المسلمة على الطغيان، وفي ظل ترقب الأفضل لمستقبلها القادم إن شاء الله.

الأزهر تاريخ وريادة:

بنى الفاطميون الجامع الأزهر كمركز لتغيير المذهب السني لأهل مصر ونشر التشيع، فجعله الخليفة العزيز بالله جامعة تدرس فيها العلوم الباطنية الإسماعيلية للدارسين من إفريقيا وآسيا. وكانت الدراسة بالمجان.

وأوقف الفاطميون عليه الأحباس للإنفاق منها. حتى كان عصر إنقاذ مصر والأزهر من التشيع على يد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، ففي العصر الأيوبي وبعدما تولي صلاح الدين سلطنة مصر جعله جامعا سنيًّا ليعود المذهب السني إلى مصر، وشهد الأزهر انتصارات صلاح الدين رحمه الله رحمة واسعة.

الأزهر في عهد المماليك:

كان للأزهر مواقفه المشهودة في التصدي لظلم الحكام والسلاطين المماليك، لأن علماءه كانوا أهل الحل والعقد أيام المماليك.

وفي سنة 1209هـ/1795م، يروي الجبرتي في يومياته بأن أمراء مماليك اعتدوا على بعض فلاحي مدينة بلبيس فحضر وفد منهم إلى الشيخ عبد الله الشرقاوي وكان شيخا للأزهر وقتها. وقدموا شكواهم له ليرفع عنهم الظلم. فغضب وتوجه إلى الأزهر، وجمع المشايخ. وأغلقوا أبواب الجامع. وأمروا الناس بترك الأسواق والمتاجر. واحتشدت الجموع الغاضبة من الشعب. فأرسل إبراهيم بك شيخ البلد لهم أيوب بك الدفتردار، فسألهم عن أمرهم. فقالوا: نريد العدل، ورفع الظلم والجور، وإقامة الشرع، وإبطال الحوادث والمكوس (الضرائب)، وخَشي زعيم الأمراء مغبة الثورة فأرسل إلى علماء الأزهر يبرئ نفسه من تبعة الظلم، ويلقيها على كاهل شريكه مراد بك. وأرسل في الوقت نفسه إلى مراد يحذره عاقبة الثورة. فاستسلم مراد بك ورد ما اغتصبه من أموال، وأرضى نفوس المظلومين. لكن العلماء طالبوا بوضع نظام يمنع الظلم ويرد العدوان. واجتمع الأمراء مع العلماء. وكان من بينهم الشيخ السادات، والسيد عمر مكرم، والشيخ الشرقاوي، والشيخ البكري، والشيخ الأمير. و أعلن الظالمون أنهم تابوا والتزموا بما اشترطه عليهم العلماء. وأعلنوا أنهم سيبطلون المظالم والضرائب والكف عن سلب أموال الناس والالتزام بإرسال صرة مال أوقاف الحرمين الشريفين والعوائد المقررة إليهم وكانوا ينهبونها. وكان قاضي القضاة حاضرًا. فكتب على الأمراء وثيقة أمضاها الوالي العثماني وإبراهيم بك ومراد بك شيخا البلد.

الأزهر والاحتلال الفرنسي لمصر:

وكان للأزهر صفحة مجيدة في مقارعة الاستعمار الفرنسي، فعندما غزا الفرنسيون مصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798م أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم من داخل الأزهر الشريف وتزعموا مقاومة الاحتلال وأشعلوا ثورتي القاهرة الأولى، حيث ألف الأزهر لجنة لتنظيم الثورة ضد الفرنسيين وقامت هذه الثورة بالقاهرة في أكتوبر عام 1798م، واحتشدت الجموع في الأزهر ينادون بالجهاد ضد الفرنسيين، وهاجموا الفرنسيين ومعسكراتهم وقتلوا الجنرال ديبوى حاكم القاهرة، فأخذ الفرنسيون يطلقون النار على الثوار في الشوارع وتدفقت الجماهير إلى الأزهر واحتشد فيه ما يزيد على ألف مواطن، وأقاموا المتاريس في الطرق والأزقة و دخلت قوات نابليون بالخيول صحن الأزهر. وألقت بالمصاحف وعاثت فيه إفسادا. وضرب الجامع بالمدافع من فوق القلعة وأغلق الفرنسيون الأزهر وشردوا من فيه. وكانت هذه الواقعة قد عجلت بانسحاب الفرنسيين من مصر حيث اندلعت بعد ذلك ثورة القاهرة الثانية.

وقدّم الأزهر وقتها عددًا من الشهداء، كما أقدمت قيادة الحملة على إعدام لفيف من علمائه وطلابه ولاسيما بعد مقتل الجنرال كليبر على يد سليمان الحلبي (أحد طلاب الأزهر). وكان من أبرز من قاد الثورة وقتها من شيوخ الأزهر الشيخ عمر مكرم، والشيخ السادات، والشيخ الشرقاوي.

وفي عام 1805م استطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي محمد على باشا ليكون واليًا على مصر العثمانية، بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بأن يقيم العدل بين الرعية.

الأزهر والاحتلال البريطاني:

اشترك الأزهر في الثورة العرابية سنة 1881- 1882م لمقاومة التدخل الإنكليزي، وكان أحمد عرابي ممن درسوا في الأزهر.

وبعد الاحتلال البريطاني لمصر كان لشيوخ الأزهر دور كبير في إشعال الروح الوطنية ضد المحتل الانجليزي، وعندما بدأت ثورات الشعب المصري حاول المحتل الانجليزي زرع الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط في مصر. فكان الأزهر صمام الأمان الذي فطن لمحاولات المحتل، وتعاون شيوخ الأزهر والقساوسة الأقباط وخطبوا في الأزهر والكنائس ضد المحتل الإنجليزي.

وفي ثورة 1919م أذكى الأزهر روح الثورة ضد الاستعمار البريطاني. وكان الأزهر معقلًا للحركة الوطنية تنطلق منه جماهير الشعب، حتى إن المندوب السامي البريطاني طلب إلى شيخ الأزهر أبي الفضل الجيزاوي إغلاق الأزهر ولكن الجيزاوي رفض وبقي الأزهر يتحدى السلطات الاستعمارية.

وحاول الانجليز كثيرا منذ بداية الاحتلال القضاء على الأزهر كمركز للإسلام في مصر، ومن أبرز تلك المحاولات ما فعله اللورد كرومر المعتمد البريطاني في مصر من تعديل لنظام التعليم في مصر، وسحب الامتيازات من الدارسين في الأزهر، ومنح الكثير من الامتيازات لنظام التعليم المدني، وللأسف ما يزال ذلك النظام مستمرًّا حتى الآن.

حتى الجامع نفسه لم يسلم من التخريب والسرقة من المحتل الانجليزي، فقاموا بسرقة المنبر الأصلي والتاريخي للجامع، وما يزال حتى الآن موجودًا في أحد المتاحف البريطانية.

الأزهر والعدوان الثلاثي سنة 1956:

عندما غزا التحالف الفرنسي البريطاني الإسرائيلي مصر سنة 1956 كان هدفهم الأساسي إصابة المصريين بالصدمة والخوف ودفعهم للاستسلام. فذهب جمال عبد الناصر للخطابة من فوق منبر الأزهر كرمز تاريخي، وخطب خطبته التاريخية التي كانت علامة فاصلة في الأحداث وقتها ليعلن عدم استسلام مصر ووقوفها صامدة مقاومة ضد العدوان الثلاثي.

أيضا كان للمسجد دوره الأساسي بعد هزيمة 1967. إذ قام شيوخ الأزهر بالخطابة وإشعال الروح المعنوية بين الجنود المصريين على الجبهة طوال ست سنوات، مما كان له الأثر الكبير في انتصار الجيش المصري في أكتوبر 1973.

دور الأزهر في الحفاظ على اللغة العربية:

للأزهر فضل كبير في الحفاظ على التراث العربي بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد، وعلى اللغة العربية من التتريك واللغة التركية أيام الحكم العثماني لمصر سنة 1517م، وأيام محمد علي باشا سنة 1805. فظل دائمًا جامع وجامعة يأتي إليه الطلاب من سائر الدول العربية. [من كتاب تاريخ جامع الأزهر].

حالة الضعف والترهل الحالية:

للأسف بسبب الضغوط السياسة والاقتصادية على علماء الأزهر ضعف أثره في المجتمع، وتم تسييس الكثير من الفتاوى لإرضاء حكام جبابرة وطواغيت، وأهمل الحكام وضع علماء الأزهر المالي ليكون عامل ضغط متواصل على علماء الأزهر، مما أدى إلى تراجع دور الأزهر، بل ومحاولة تطويعه واستخدامه كوسيلة لمحاربة بعض شعائر الدين نفسه، كما دب الضعف أيضًا في جسد جامعة الأزهر بجميع فروعها وأقسامها سواء العلمية والشرعية بسبب الإهمال المتعمد من الحكومات المتعاقبة التي أرادت تحييد الأزهر كمؤسسة دينية علمية رائدة، وكان من أهم أسباب الضعف حجب أهل الديانة والكلمة والصدع بالحق عن صدارة الأزهر، وتقريب علماء السلاطين والحكام وتصدرهم، واستخدامهم في كثير من الأحيان لمحاربة الدين نفسه.

قوموا بنا نعيد الريادة:

دورنا اليوم بعد الثورة المصرية المباركة التي يأمل كل شبابها العودة بمصر إلى نهضتها وسيادتها وتقدمها أن نعود بالأزهر كجامع وجامعة لقيادة النهضة وتوجيه الأمة لمستقبل زاهر مبني على الدين والخلق والعمل البناء.

ننتظر الكثير من أبناء الأزهر، وأيضا ندعو الدولة للاهتمام بالأزهر كجامع وجامعة لها دورها الحضاري في قيادة مصر والعالم الإسلامي، وننتظر من أبناء الأزهر الكرام الكثير من خطط إعادة بناء الجامع والجامعة والعودة به إلى الصدارة، كما ننتظر منهم البدء في المطالبة بتطبيق هذه الخطط والإشراف عليها من خلال التعاون مع دولتهم في عصرها الجديد إن شاء الله. والله الموفق.

الكاتب: أبو الهيثم محمد درويش.

المصدر: موقع طريق الإسلام.